النقاب
س - ما قول الشرع فيما أورده الدكتور إسماعيل منصور فى كتابه : تذكير الأصحاب بتحريم النقاب ؟ السؤال
الجواب : الحمد لله وحده والصلاة والسلام على خير خلقه . وبعد : فإن الشرع الشريف جاء كاملاً بإكمال الله سبحانه له حيث قال الله تعالى " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا " ( المائدة : 3 ) وإن من مقاصد الشرع حماية الأعراض ، وقد جاء الشرع فى حماية الأعراض بوسائل هامة ، منها : الأمر بغض البصر ، والأمر بالحجاب للمرأة سواء فى ذلك زوجات النبى صلى الله عليه وسلم والتفريق الذى يضعه بعض الناس بين أمهات المؤمنين وبين سائر المؤمنات مخالف للمقاصد الشرعية ، والنصوص من القرآن والسنة ، حيث إن الفتنة حاصلة بالتبرج لسائر النساء ، أما أمهات المؤمنين فإنهن يتخذن قدوة حسنة ، لذا جاءت نصوص الشرع بتأكيد الأمر فى حقهن هذا ، ولقد أجمع أهل العلم على مشروعية النقاب ، ولكن وقع الخلاف على درجة المشروعية ، هل هى للندب أم للوجوب ؟ وكل فريق قد استدل بأدلة من القرآن والسنة على ذلك ، لهذا نحب أن نسرد ابتداءً ما أجمع عليه أهل العلم : أولاً : أجمعوا على وجوب تغطية كل البدن بما لا يصف ولا يشف ولا يكون زينة فى نفسه ، ولا يكون مشابهاً للباس الرجال ، وإنما وقع الخلاف فى الوجه والكفين : هل يجب تغطيتهما أم يستحب فقط ؟ ثانياً : اتفق العلماء على أن تغطية الجزء من الوجه الذى لا يُغطى الشعر والعنق إلا به فهو واجب التغطية ، سواء كان من الجبهة أو من الخدين . ثالثاً : اتفق العلماء على أن يمتد غطاء الرأس ليغطى فتحة العنق ، ووقع الخلاف هل يتم ذلك بأن تسدل غطاء الرأس فيأتى على الصدر ، فيغطى الوجه قبله ، أو يستدير من الجانب الأيمن فيغطيه ، ثم يأتى إلى الصدر ، ثم الجانب الأيسر من الوجه ، فيصبح الاتفاق على وجوب تغطية الجانبين من الوجه ؟ رابعاً : اتفق العلماء على جواز كشف العين لتبصر المرأة طريقها . على هذا ، فالخلاف الواقع إنما هو محصور فى : هل يجب تغطية الأنف والفم بحيث تصبح من كشفت جزءاً منهما آثمة ؟ أم أنه الأفضل فقط تغطيتها فلا تأثم من كشفتهما وتثاب من غطتهما ؟ خامساً : اتفق العلماء على أنه - عند الفتنة ، أو عند المرأة الفاتنة - يجب تغطية الوجه كله ، سواء كانت الفتنة منها لجمالها ، أو الفتنة من فسق من تمر عليهم ، أو من مرض فى قلوبهم . والأصل - عند أهل العلم - أ،ه إذا أجمع العلماء على قول فلا يجوز إحداث قول آخر ، وكذلك إذا أجمعوا على قولين فلا يجوز إحداث ثالث ، وهكذا . فالعلماء مجمعون على مشروعية النقاب ، ومجمعون على أن الطلب فيه على الندب أو الوجوب ، فلا يجوز القول لا بإباحته ، ولا كراهته ، ولا تحريمه ، فهذا خرق لإجماع العلماء والله سبحانه وتعالى يقول : " وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا " ( النساء : 115 ) فهذا سبيل المؤمنين فى مشروعية النقاب ، فلا يجوز القول بكراهة أو تحريم ، بل لا يجوز أن ننزل بدرجة الطلب فيه إلى حد الإباحة ، لأن هذا لم يقله أهل العلم ، إنما منهم من قال بالوجوب ، ومنهم من قال بالندب ، هذا ولا شك أن أوامر الشرع تدعو إلى الفضيلة ، فهذه فضيلة تقاوم الرذيلة وتسد ذريعتها ، لذا فعلى أولى الأمر والمربين الدعوة إلى هذه الفضيلة ، والعناية بها إن لم تثبت عندهم أنها فريضة ، فكيف لو ثبتت أنها فريضة بالأدلة الكثيرة المبسوطة فى كتب أهل العلم من مفسرين وفقهاء ؟! ولو نظرنا فى تاريخ مصر لرأينا أن وجوه النساء كانت مغطاه إلى أن قامت امرأة ، فتزعمت خلع النقاب وكشف الوجه ، فجرى السفور سريعاً حتى وجدنا أن الأمر لم يقتصر على النقاب ، بل صار ذلك فى الصدور والأفخاذ وما هو أشد من ذلك ، وحدث هذا فى مدة أقل من ربع قرن ، فهذه المرأة سنت السنة السيئة ، فعليها وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أوزارهم شىء كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم . وذلك يعنى أن النقاب ستار للبدن كله ، لما كشف النقاب كشف سائر البدن ، فالذين يحاربون النقاب يحاربون الفضيلة فى كافة نواحيها . والعجب أن تجد كل من يحارب النقاب يسكت عن التبرج بما يظهر أنه يدعو إلى الرذيلة ويشجعها ، والله سبحانه وتعالى يقول : " إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ ءَامَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ " ( النور : 19 ) " فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " ( النور : 63 ) . أما عن الكتاب فقد أغنانا كثير من العلماء الذين ردوا عليه ردا تفصيلياً مثل : الشيخ عادل عزازى ، والشيخ على حشيش ، وغيرهم . الإجابة
مجلة التوحيد العدد العاشر لسنة 1414